مراحل الحياة التي تؤدي بنا إلى النضوج هي: الاتكال – الطفولة، والاستقلال – المراهقة، والاتكال المشترك – الرجولة.
المرحلة الأولى، مرحلة الاتكال في سن الطفولة، هي مرحلة ضرورية يقبل فيها الطفل اختبارات الماضي ويأخذ ما يعطى له. تلك هي مرحلة الأخذ. يقول يسوع أنك إن كنت لا ترجع وتصير كطفل صغير، تقبل ما يعطى لك، فلن تدخل ملكوت الله. إذاً الدرس الأول للطفل هو القبول الممزوج بالطاعة.
فالطفل يريد، وقد كبر الآن، متسعاً للنمو وبناء شخصيته باستحقاقه الشخصي، والتعبير عن شخصيته، وارتكاب أخطائه وحصاد عقابه أو ثوابه. يحاول الوالدون أحياناً أن يحتفظوا بحقهم في القمع فيثور الولد ويتمرد. وأحياناً يتحول الولد إلى مسعور عقليّ ويأبى الخضوع لأحد سوى ذاته. عرّف أحدهم فترة المراهقة بقوله «إنها فترة الجنون المؤقت».
ولكن بعد الحصول على الاستقلال، يجد المرء أن الاستقلال ليس كما يظن. فأنت تتوق إلى الاتكال المتبادل – أن تكون لك علاقة تعاون مع الآخرين وأن تنشئ معهم علاقات صحيحة. هذا هو النضوج الذي فيه تضيع حياتك لتجدها ثانية.
بعض الناس لا ينضجون إطلاقاً، بل يبقون دوماً مراهقين، ودائماً يصرون على إعطاء حقوقهم ومراكزهم ونفوسهم المكانة الأولى. قد يكون الواحد منهم في السادسة عشرة أو في الستين، لكنهم لم يبلغوا شيئاً من النضوج أو النمو. قال أحد القضاة الذين عالجوا العلاقات العائلية في المحكمة أن المسبب الأكبر في الطلاق هو «المراهقة العاطفية» – أناس لم ينضجوا من الناحية العاطفية. فهم لم يختبروا بهجة الاستسلام لما هو خارج نطاق ذواتهم، بهجة تخليص الحياة بإهلاكها.