#1
|
||||
|
||||
المجازاة للعاملين مثل الوزنات
المجازاة للعاملين مثل الوزنات 14 وَكَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ دَعَا عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ، 15 فَأَعْطَى وَاحِداً خَمْسَ وَزَنَاتٍ، وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَآخَرَ وَزْنَةً كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ. 16 فَمَضَى ٱلَّذِي أَخَذَ ٱلْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَتَاجَرَ بِهَا، فَرَبِحَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ. 17 وَهٰكَذَا ٱلَّذِي أَخَذَ ٱلْوَزْنَتَيْنِ، رَبِحَ أَيْضاً وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ. 18 وَأَمَّا ٱلَّذِي أَخَذَ ٱلْوَزْنَةَ فَمَضَى وَحَفَرَ فِي ٱلأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ. 19 وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيلٍ أَتَى سَيِّدُ أُولَئِكَ ٱلْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ. 20 فَجَاءَ ٱلَّذِي أَخَذَ ٱلْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا. 21 فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا ٱلْعَبْدُ ٱلصَّالِحُ وَٱلأَمِينُ. كُنْتَ أَمِيناً فِي ٱلْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى ٱلْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. 22 ثُمَّ جَاءَ ٱلَّذِي أَخَذَ ٱلْوَزْنَتَيْنِ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، وَزْنَتَيْنِ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا وَزْنَتَانِ أُخْرَيَانِ رَبِحْتُهُمَا فَوْقَهُمَا. 23 قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا ٱلْعَبْدُ ٱلصَّالِحُ ٱلأَمِينُ. كُنْتَ أَمِيناً فِي ٱلْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى ٱلْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. 24 ثُمَّ جَاءَ أَيْضاً ٱلَّذِي أَخَذَ ٱلْوَزْنَةَ ٱلْوَاحِدَةَ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، عَرَفْتُ أَنَّكَ إِنْسَانٌ قَاسٍ، تَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَبْذُرْ. 25 فَخِفْتُ وَمَضَيْتُ وَأَخْفَيْتُ وَزْنَتَكَ فِي ٱلأَرْضِ. هُوَذَا ٱلَّذِي لَكَ. 26 فَأَجَابَ سَيِّدُهُ: أَيُّهَا ٱلْعَبْدُ ٱلشِّرِّيرُ وَٱلْكَسْلانُ، عَرَفْتَ أَنِّي أَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ أَزْرَعْ، وَأَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَبْذُرْ، 27 فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَضَعَ فِضَّتِي عِنْدَ ٱلصَّيَارِفَةِ، فَعِنْدَ مَجِيئِي كُنْتُ آخُذُ ٱلَّذِي لِي مَعَ رِباً. 28 فَخُذُوا مِنْهُ ٱلْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ ٱلْعَشْرُ وَزَنَاتٍ. 29 لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَٱلَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. 30 وَٱلْعَبْدُ ٱلْبَطَّالُ ٱطْرَحُوهُ إِلَى ٱلظُّلْمَةِ ٱلْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ ٱلْبُكَاءُ وَصَرِيرُ ٱلأَسْنَانِ (متى 25: 14-30). أولاً - كلنا وكلاء الأرض وما عليها وكل مَن عليها ملكٌ للرب، ولكنه وكّل البشر على كل شيء، وهذا امتياز هو في الوقت نفسه مسؤولية كبرى. استأمن الرب الأبوين على أولادهما، واستأمن المعلِّم على تلاميذه، واستأمن الطبيب على مرضاه، واستأمن الغني على غِناه، واستأمن الرئيس على مرؤوسيه. وسيأتي الوقت الذي فيه يطالبنا أن نقدِّم له الحساب.. وقد أراد الله أن يعلِّم هذا الدرس الهام لبني إسرائيل، فقال لهم: «ٱلأَرْضُ لا تُبَاعُ بَتَّةً، لأَنَّ لِيَ ٱلأَرْضَ وَأَنْتُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاءُ عِنْدِي» (لاويين 25: 23)، وقال: «لِي ٱلْفِضَّةُ وَلِي ٱلذَّهَبُ يَقُولُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ» (حجي 2: 8)، وقال المرنم: «لِلرَّبِّ ٱلأَرْضُ وَمِلْؤُهَا. ٱلْمَسْكُونَةُ وَكُلُّ ٱلسَّاكِنِينَ فِيهَا. لأَنَّهُ عَلَى ٱلْبِحَارِ أَسَّسَهَا، وَعَلَى ٱلأَنْهَارِ ثَبَّتَهَا» (مزمور 24: 1 و2). ويقول الوكيل الحكيم: «إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ، وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ» (رومية 14: 8). يملك السيد الوزنات كلها، وقد استأمن رجاله الثلاثة على استخدامها، ويمكنه أن يقول لكل منهم: «أَيُّ شَيْءٍ لَكَ لَمْ تَأْخُذْهُ؟» (1كورنثوس 4: 7).. ومع أنه كان يعلم أن العبد الثالث كسول ومتذمر، إلا أنه أعطاه وزنةً، فإن الله «يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى ٱلأَشْرَارِ وَٱلصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى ٱلأَبْرَارِ وَٱلظَّالِمِينَ» (متى 5: 45). فكل الناس وكلاء السيد، وهو يحبهم جميعاً، ويعطيهم كلَّهم، ويمنحهم فرصة إثبات أمانتهم، وينتظر منهم أن يكونوا سامعين عاملين بالكلمة (يعقوب 1: 22)، وأن يكون إيمانهم عاملاً بالمحبة (غلاطية 5: 6). ويقول الرسول بولس: «فَلْيَحْسِبْنَا ٱلإِنْسَانُ كَخُدَّامِ ٱلْمَسِيحِ وَوُكَلاءِ سَرَائِرِ ٱللّٰهِ ثُمَّ يُسْأَلُ فِي ٱلْوُكَلاءِ لِكَيْ يُوجَدَ ٱلإِنْسَانُ أَمِيناً» (1كورنثوس 4: 1، 2). ولا يضع الله مسؤولية على أحدٍ تفوق قدراته، ولا يترك أحداً بدون امتياز ومسؤولية. ومع أننا جميعاً متساوون في محبة الرب لنا، إلا أننا لسنا متساوين في نوعية الفُرص الممنوحة لنا، لأننا مختلفون في الإمكانيات ومتنوِّعون في القدرات، فعند بعض الناس خمس وزنات، ولكن الله لا يحتقر صاحب الوزنة الواحدة، فقد أعطاه وسيطالبه بقدر ما أعطاه، ويقول لهم جميعاً: أنتم وكلائي. وقد أعطانا الله مواهب طبيعية، فمنحنا الحياة والجسد وما يطعم الجسد ويكسوه، وأعطانا الماء والهواء، ومنحنا العمر والوقت، وفي كل صباح جديد يهبنا أربعاً وعشرين ساعة. وقد أكرمنا بأن وُلدنا في عائلات علَّمتنا الأخلاقيات الأساسية التي رُبينا عليها منذ صغرنا، وأعطانا وطناً ونظاماً سياسياً يهتم بالتعليم والقضاء ويوفر لنا الأمن. كما أنه وهبنا نعمة العقل الذي يميِّزنا عن سائر مخلوقاته، ومنحنا فُرص العمل، «وَهُوَ يَفْعَلُ خَيْراً، يُعْطِينَا مِنَ ٱلسَّمَاءِ أَمْطَاراً وَأَزْمِنَةً مُثْمِرَةً، وَيَمْلأُ قُلُوبَنَا طَعَاماً وَسُرُوراً... لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ» (أعمال 14: 17 و17: 28). ومنحنا مواهب روحية فوق طبيعية، فإنه «لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ ٱلنِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ ٱلْمَسِيحِ. لِذٰلِكَ يَقُولُ: إِذْ صَعِدَ إِلَى ٱلْعَلاءِ سَبَى سَبْياً وَأَعْطَى ٱلنَّاسَ عَطَايَا» (أفسس 4: 7، 8). «قَاسِماً (الروح القدس) لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ، كَمَا يَشَاءُ» (1كورنثوس 12: 11). «وَلٰكِنْ لَنَا مَوَاهِبُ مُخْتَلِفَةٌ بِحَسَبِ ٱلنِّعْمَةِ ٱلْمُعْطَاةِ لَنَا: أَنُبُوَّةٌ فَبِٱلنِّسْبَةِ إِلَى ٱلإِيمَانِ (والنبوَّة هي إعلان الحقائق الروحية لبنيان الكنيسة وتوضيح الواجبات والأمور القادمة)، أَمْ خِدْمَةٌ فَفِي ٱلْخِدْمَةِ (وهي عمل الشمامسة الذين أشرفوا على إطعام المساكين)، أَمِ ٱلْمُعَلِّمُ فَفِي ٱلتَّعْلِيم (مثل التعليم في مدرسة الأحد، لإقناع العقول)ِ، أَمِ ٱلْوَاعِظُ فَفِي ٱلْوَعْظِ (لتشجيع القلوب)، ٱلْمُعْطِي فَبِسَخَاءٍ، ٱلْمُدَبِّرُ (مدير الأعمال) فَبِٱجْتِهَادٍ» (رومية 12: 6-8). ولا يهتم الله بكمية إنتاج وكلائه، بل بنيَّتهم وأمانتهم ومشاعرهم من نحوه. وهذا ما يظهر من أن المدح الذي ناله مَن ربح الوزنتين هو نفس المدح الذي ناله مَن ربح الخمس وزنات، فقد قال لهما كليهما: «نِعِمَّا (اختصار: نِعْم ما فعلت، بمعنى: أحسنْتَ) أَيُّهَا ٱلْعَبْدُ ٱلصَّالِحُ وَٱلأَمِينُ. كُنْتَ أَمِيناً فِي ٱلْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى ٱلْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ» (متى 25: 21، 23). لم يقُل له «أيها العبد الصالح والمجتهد» ولا «الصالح الناجح» بل «الصالح والأمين»، فالأمانة هي أهم ما يبحث عنه السيد. وقد يحتقر صاحب الوزنة الواحدة نفسه، لكن المسيح لم يحتقر الأشياء الصغيرة أبداً، حتى أنه قال: «مَنْ سَقَى أَحَدَ هٰؤُلاءِ ٱلصِّغَارِ كَأْسَ مَاءٍ بَارِدٍ فَقَطْ بِٱسْمِ تِلْمِيذٍ، فَٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لا يُضِيعُ أَجْرَهُ» (متى 10: 42)، وأعلن أن ورثة الملكوت هم الذين أطعموا جائعاً وسقوا عطشاناً وآووا غريباً وكسوا عارياً وزاروا مريضاً أو سجيناً (متى 25: 34-36). وعندما جلس المسيح تُجاه صندوق العطاء يراقب المتبرِّعين، لم يهتم بكم أعطوا، ولكن بكيف أعطوا. ومدح أرملةً فقيرة تبرَّعت بفلسين رغم ضآلتهما، وقال إنها أعطت أكثر من جميع الذين أعطوا، لأن الجميع أعطوا مما فاض عنهم، أما هي فقدَّمت كل ما عندها، رغم ضآلته (مرقس 12: 41-44). ثانياً - العاملون لكل عُملَة ووزنة وجهان، وجهٌ يحمل كلمة «امتياز» ويحمل الوجه الآخر كلمة «مسؤولية»، فمع كل بركة يمنحها الرب لنا ينتظر أن نستخدمها لنموِّنا الروحي، ولخير عائلاتنا وكنائسنا ومجتمعنا، فإننا قد قبلنا من الله لأجل اسم المسيح «نِعْمَةً وَرِسَالَةً» (رومية 1: 5) فالنعمة تحمِّلنا مسؤولية إعلان الرسالة. ومن الغريب أن بعض الناس يطالبون بامتيازات صاحب الخمس وزنات، ولكنهم يريدون أن يتهرَّبوا من مسؤولياته. 1. الدوافع على العمل: ربح صاحب الخمس وزنات خمس وزنات أُخر، وربح صاحب الوزنتين وزنتين أخريين لأنهما كانا يدركان ماذا يريد صاحب المال، وكانا متأكِّدين أن ما يريده هو الصالح والمَرْضِيُّ والكامل، ووجدت إرادته منهما الرضى والقبول، فأطاعاه. ولا بد أنهما كانا يحبان سيدهما ويريدان أن يُدخلا السعادة إلى قلبه. ثم أنهما كانا مجتهدَين في عملهما، وفرحانَين بنجاحهما فيه لمصلحة صاحب العمل ولمصلحتهما، لأنهما سينالان رضاه ومجازاته. وواضحٌ أن تسليم الإرادة لله هو أهم ما يُنجح خدمتنا له. قال القديس أغسطينوس: «إن عملت مشيئة الله كأنها مشيئتك، يفعل الله مشيئتك كأنها مشيئته» لأن الذي يستسلم لله يرغب في عمل ما يرضيه، ويحبه بكامل قلبه، ولا يريد أن يترك خدمته، فيصير عبداً مؤبَّداً يقول: «أُحِبُّ سَيِّدِي» (خروج 21: 5)، فيجتهد في خدمته بكل سعادة، ويفرح قلبه كلما زاد الثمر. والمؤمن الذي يحب الرب يكون سعيداً بأن يصف نفسه بأنه «عبد الرب»، كما وُصِف إبراهيم (مزمور 105: 6)، وموسى (مزمور 105: 26)، وداود (مزمور 78: 70)، ودانيال (دانيال 6: 20)، وبولس (رومية 1: 1)، ويعقوب (يعقوب 1: 1)، وبطرس (2بطرس 1: 1)، وتيموثاوس (فيلبي 1: 1). و «ٱلْعَبْدُ يُكْرِمُ سَيِّدَهُ» (ملاخي 1: 6). 2. مكافأة العاملين: بعد زمان طويل جاء سيد أولئك العبيد ليحاسبهم. ومهما طالت مدة غياب السيد فلا بد أن يجيء ليجازي كل واحد كما يكون عمله.. وقد كافأ السيد عبديه الأمينين، فقال لكل منهما: «ِنعِمَّا أَيُّهَا ٱلْعَبْدُ ٱلصَّالِحُ وَٱلأَمِينُ. كُنْتَ أَمِيناً فِي ٱلْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى ٱلْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ». وفي القول «نعمّا» تكريمٌ لهما لأنهما أحسنا الصنيع. وفي القول «كنت أميناً» اعتراف بخدمتهما الحسنة الأمينة. وفي القول «أقيمك على الكثير» ترقية لكل منهما هي تحمُّل مسؤولية أكبر ومزيداً من التكليف. وفي القول «ادخُل إلى فرح سيدك» بهجة لقلبيهما بالدخول إلى أفراح السيد، فيسمعان منه « لا أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيداً... لٰكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ» (يوحنا 15: 15). «طُوبَى لأُولَئِكَ ٱلْعَبِيدِ... إِنَّهُ يَتَمَنْطَقُ وَيُتْكِئُهُمْ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدِمُهُمْ» (لوقا 12: 37). «مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ هُمْ أَمَامَ عَرْشِ ٱللّٰهِ وَيَخْدِمُونَهُ نَهَاراً وَلَيْلاً فِي هَيْكَلِهِ، وَٱلْجَالِسُ عَلَى ٱلْعَرْشِ يَحِلُّ فَوْقَهُمْ. لَنْ يَجُوعُوا بَعْدُ وَلَنْ يَعْطَشُوا بَعْدُ وَلا تَقَعُ عَلَيْهِمِ ٱلشَّمْسُ وَلا شَيْءٌ مِنَ ٱلْحَرِّ، لأَنَّ ٱلْحَمَلَ ٱلَّذِي فِي وَسَطِ ٱلْعَرْشِ يَرْعَاهُمْ، وَيَقْتَادُهُمْ إِلَى يَنَابِيعِ مَاءٍ حَيَّةٍ، وَيَمْسَحُ ٱللّٰهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ» (رؤيا 7: 15-17). ثالثاً - الخاملون كنا نرجو أن يكون كل المؤمنين عاملين، ولكن هناك الخاملون. 1. أسباب الخمول: في كل عمل مخاطرة. ولم يكن صاحب الوزنة الواحدة راغباً في أن يخاطر لأنه لم يكن يملك شجاعة المحاولة، فوصفه سيده بأنه «العبد الشرير والكسلان». وقد وصف إمام الحكماء سليمان هذا العبد وأمثاله بالقول: «قَالَ ٱلْكَسْلانُ: ٱلأَسَدُ فِي ٱلْخَارِجِ فَأُقْتَلُ فِي ٱلشَّوَارِعِ!» (أمثال 22: 13). ولما كان الناس يُخفون كنوزهم بدفنها في الأرض، فقد حفر العبد الكسلان الأرض وأخفى فضة سيده. وربما فعل هذا لأنه قارن نفسه بالعبدين زميليه، وحسدهما لأنهما أخذا أكثر منه.. أو ربما قال في نفسه: لماذا أُتعِب نفسي بالاتِّجار في وزنة واحدة، وسيدي لم يساوِ بيني وبين زميليَّ؟.. أو لعله لم يتوقَّع سرعة عودة سيده ليحاسبه.. ولكن السبب الأكبر لكسله هو أنه كان يحمل مشاعر سلبية من نحو سيده، فقال له: «يا سيد، عرفتُ أنك إنسان قاسٍ، تحصد حيث لم تزرع، وتجمع من حيث لم تبذر». ويوضِّح قوله هذا مشاعره الشريرة من نحو سيده الذي أعطاه الوزنة وجعله وكيلاً له، واستأمنه على العمل! وهو مثل الشعب الذي أنكر الجميل وقال: «لَيْسَتْ طَرِيقُ ٱلرَّبِّ مُسْتَوِيَةً» (حزقيال 18: 25). ولو أن مشاعر هذا العبد كانت صالحة من نحو سيده فتاجر وخسر لكان سيده أكثر سعادةً به. وهذا واضح من قول السيد له: «كان ينبغي أن تضع فضتي عند الصيارفة، فعند مجيئي كنت آخذ الذي لي مع ربا».. وكان الصيارفة وقتها يقومون بما تقوم به البنوك اليوم، وهو أقل ما كان يمكن أن يقوم العبد به، لأنه لا يحتاج إلى فكر ولا إلى مجهود. وكانت شريعة موسى توصي اليهودي أن يعطي الأجنبي سُلفة بفوائد، ولكنها كانت تُلزمه أن يُقرِض أخاه اليهودي بغير فوائد (تثنية 23: 19). وواضحٌ من هذه الوصية أن الشريعة اليهودية تأمر اليهودي أن يرحم أخاه اليهودي فقط. ولكن المسيحية تنادي بأخويَّة جميع البشر، وقد علَّمنا المسيح أن الله أبٌ للبشر جميعاً، فنصلي: «أَبَانَا ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَات» (متى 6: 9).. وقد منعت الشريعة اليهودية الربا والفوائد الفاحشة لأن المدين يكون عادةً أفقر من الدائن، لأنه يستدين ليسدِّد احتياجاته، فهو يستحق المساعدة.. أما في وقتنا الحاضر فإن الذي يودع فضته في البنوك لتستثمرها له هو الضعيف، لأنه عاجز عن استثمارها بنفسه، فيستفيد المودع، والبنك، ومن يقترض من البنك. والمديون في زمننا (البنك) هو القوي، والدائن (المودع) هو المحتاج. فلا ظلم ولا ضرر أن يدفع البنك فوائد للدائن المحتاج.. وعلى هذا فإننا نفهم قول السيد بالصورة التالية: «فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَضَعَ فِضَّتِي عِنْدَ البنوك (ٱلصَّيَارِفَةِ)، فَعِنْدَ مَجِيئِي كُنْتُ آخُذُ ٱلَّذِي لِي مَعَ الفوائد (رِباً)» (متى 25: 27)، لأن الصيارفة يستثمرون المال، ويشاركون المودع في الفوائد. وليس في المنفعة المتبادلة خطأ، فالاستثمار واجب، ولكن الاستغلال والفائدة المجحفة مرفوضان. 2. عقوبة الخمول: حلَّت بالكسلان ثلاث عقوبات قاسية: (أ) «خذوا منه الوزنة»: أعطاه سيده فرصة العمل والربح فلم ينتهزها، ففقدها، «لأن كل من له يُعطَى فيزداد» وكل من لا يستفيد مما حصل عليه يخسره، وكل من لا يتقدَّم يتأخَّر. أما «من ليس له فالذي عنده يُؤخذ منه» فإن من لا يستفيد مما منحه الرب له، يضيِّعه. «شَهْوَةُ ٱلْكَسْلانِ تَقْتُلُهُ لأَنَّ يَدَيْهِ تَأْبَيَانِ ٱلشُّغْلَ» (أمثال 21: 25).. «يَدُ ٱلْمُجْتَهِدِينَ تَسُودُ، أَمَّا ٱلرَّخْوَةُ فَتَكُونُ تَحْتَ ٱلْجِزْيَةِ» (أمثال 12: 24). (ب) «اطرحوه إلى الظلمة الخارجية»: قال لكل من العبدين الأمينين «ادخُل» ولكنه قال عن الكسلان «اطرحوه». والصورة هنا تُظهِر بيتاً فيه احتفال ليلي، وهو عامر بالأفراح والأنوار، يُطرد منه شخصٌ إلى الظلام والوحدة والصقيع.. وأكبر عقوبة تحل بالخائن الكسلان هي حرمانه من محضر الله. (ج) «البكاء وصرير الأسنان»: والذي يبكي ويُصرُّ بأسنانه هو النادم الغاضب الحزين اليائس على الفرصة الضائعة التي لا يمكن أن تعود، حيث لا ينفع بكاء ولا ندم. لقد أعطاك الرب مواهب كثيرة، فماذا فعلتَ بها؟ كأنما هو مسافر، لكنه لا بدَّ سيعود ويطالبك أن تقدِّم حساباً عما فعلت. فليعطنا الله أن نسمع منه: «نِعمّا». |
11-09-2010, 09:07 AM | رقم المشاركة : [2] |
مراقب عام و مشرفة منتدى الشباب والشبات
|
لقد أعطاك الرب مواهب كثيرة، فماذا فعلتَ بها؟ كأنما هو مسافر، لكنه لا بدَّ سيعود ويطالبك أن تقدِّم حساباً عما فعلت. فليعطنا الله أن نسمع منه: «نِعمّا».
جميل جدا يا ساسو ربنا يعوض تعب محبتك |
|
|
11-09-2010, 09:50 AM | رقم المشاركة : [3] |
مراقب و مشرفة قسم التأملات
|
مرسى ميرنا لمرورك الجميل ربنا يعوضك |
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
المجازاة للساهرين مثل العذارى الحكيمات | sasso | منتدى العهد الجديد | 4 | 09-27-2010 01:28 PM |
المجازاة للجميع مثل العاملين في ساعات مختلفة | sasso | منتدى العهد الجديد | 2 | 09-18-2010 04:53 AM |
مثل الزارع ( مصور ) | المصرى الأصيل | منتدى العهد الجديد | 6 | 05-19-2010 05:08 PM |
مثل الزارع | sasso | منتدى العهد الجديد | 3 | 05-01-2010 02:21 PM |
ليت الدنيا مثل امي | miky | منتدى المواضيع الهامة | 6 | 07-07-2008 10:33 PM |