هل جاءت عليك لحظة ، وجدت نفسك حزينا و صامتا ، لا تريد أن تتكلم ، و لا تقدر على الحديث ، و لا تتمنى أو حتى تأمل أن يفهمك أحد إذا تكلمت و لسان حالك يقول دعونى لصمتى و احزانى ،تسجن دمعك السخين و تعتقله و ترفض اطلاق صراحه ، تدعه يبلل حدقتيك و لا يفارق مقلتيك ليغرق وجهك و فى ظل جهادك ضد دموعك تلجأ لشد اعصاب رقبتك و حلقك و وجهك و عضلاتهم حتى تبدأ فى التقلص ومع ذلك لا تستسلم ابدا لدموعك تنظم انفاسك حتى لا يخونك احداها و تنطلق صرخاتك الملتاعة تجسد آلامك ،،و تحيا غارقا فى الحزن ، مدركا إن الأغلبية ممن هم حولك لا يشعرون بما تشعر و لا يستطيعون فهم ما انت فيه و غالبا ما تراودهم الظنون و الافكار الخاطئة عن مشاعرك و تصرفاتكهذا هو حال اقباط مصر و مسيحى العراق و مسيحى الشرق الأوسط بصفة عامة منذ زمن بعيد نحن شعب لا نتقن شئ سوى الحزن منذ قديم الأذل ، من قبل احداث الزاويا الحمراء و الكشح و نجع حمادى و اخيرا الأسكندرية و ما تلك الأحداث سوى مناسبات تجعلنا نجتر احزاننا و نسترجعها كثيرون من أخوتى الأحباء المسلمين لاحظوا حزنى الدفين مؤخرا و حاولوا مواساتى ،البعض تأسف و البعض اعتذر و البعض عزانى بكلمات مشجعة ، و كثيرون منهم بلا وعى ذهب لنفى الصلة بين تلك الجريمة الأخيرة و الإسلامو انا لم اعلق بشئ اصدقهم فى مشاعرهم و اسفهم و اعتذارهم و تعزيتهم و اصدق نفيهم للصلة بين تلك الجريمة و اسلامهم الانسانى الذى اعرفه و لكن أين كنتم فيما مضى ؟أين كنتم حينما تناثرت حولنا الأكاذيب المحرضة و أنتم كنتم أقرب لى من الرداء الذى عليا ؟كنتم تكتفون بنقل الأكاذيب لى لتسمعوا ردى عليها ، و كنت ارى انفراج اساريكم لسماع ردى و تأكدكم من كونها اكاذيب فلماذا لم تهتموا بنشر التكذيب مثل اهتمامكم بنقل الأكاذيب ؟أين كنتم حينما نضحت الأرض بالعامة و الدهماء و اشباه المثقفين يسبون و يشتمون فى كنيستى و رموزها و يسفهون عقيدتى و يزدرونها و يحرضون علينا ؟و ماذا فعلتم للتصدى لهم ؟لماذا تنفون لى صلة الأرهاب بالإسلام ؟ لماذا لم تخبروا هذا الأمر للأرهابيين ؟معذرة احبائيلا يوجد منكم من خرج من صلاته فى ظل فرحة و أمل لم يكتملا ليجد اشلاء ذويه و اقاربه و اصدقائه و احباءه متناثرة بطول الشارع و عرضه ، و تلطخ الجدران ، و معلقة على الأشجار لا يوجد منكم من اجبر على استنشاق رائحة الدم البشري المحترق منتشرا فى سماء ليل بارد وهو يخضب نهر الطريق و الرصيف و المبانى لا يوجد منكم من اجبر على الخوض بيديه العاريتين فى تلال من اللحم البشري المهترئ و الأعضاء المحترقة للبحث عن ما يمكن أن يكون اشلاء لذويهإن ما مضي قد مضي ، و ما حدث قد حدث و لكنى اقول ذلك لأوضح أن اسفكم و اعتذاركم و تعزيتكم و نفيكم وكل ما يمكن أن يقال قد جاء متأخرا جدا و لا يكفىاقول ما اقوله لما هو أت ، للأجيال القادمة ، لتعرفوا ما يجب عليكم أن تفعلوه ، حتى لا يتكرر اسفكم و اعتذاركم و نفيكم ففرحة الإحتفال بقدوم الأعياد اصبحت عندى مجرد ذكرى مفقودة إلى الأبد ، لأن الفواصل الزمنية بين محفزات اجترار الأحزان من اخوتك اصبحت لا تسمح بالنسيان ، فهذا الحزن أصبح حالى إلى أن أموت أو يعصف بي الإنفجار التالىو الآن دعونى لصمتى و احزانى احيا فى قول الكتاب صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ، نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِين