الآلام فى حياة العذراء بدات مبكرة جدا فالإنسان العادى يتربى وسط أسرة يحاط فيها بحنان أمه وتشجيع أبيه . أما العذراء مريم فحتى فى طفولتها حرمت مما يتمتع به الأطفال .. فقد حرمت من الأب يواقيم ثم من الأم حنة , معا ويتُم العذراء المبكر جعلها تقبل هذا الألم وكأنها تردد مع أبيها داود النبى حينما قال " إن أبى وأمى قد تركانى والرب يضمنى " (مز 10:27) .
كان عمر العذراء مريم سنتان وسبعة شهور وسبعة أيام حينما قدمها أبوها لتخدم فى الهيكل حسب نذرهما وبقيت عابدة فى الهيكل حتى بلغ سنها 13 سنة و4 أيام , عندئذ تشاور الكهنة وفى مقدمتهم زكريا فى أمرها وبأمر ملاك الرب الذى كلم زكريا فى أمرها , أجمع شيوخ وشبان يهوذا وخذ عصيهم واكتب على كل منها اسم صاحبها والتى تظهر منها علامة يكون صاحبها هو المختار لمريم ... ففعل زكريا كما أمره الملاك وهنا ظهر من عصا يوسف حمامة استقرت على رأسه . . . وهكذا اختار الله القديس يوسف النجار الرجل البار لتكون العذراء خطيبته .
كانت العذراء فى طاعة كاملة لله .. فعندما جاء الملاك يبشرها بميلاد المسيح قالت " هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك ".
ولنا أن نسأل كم كانت الأم العذراء الطاهرة تعصر قلبها وهى صغيرة فى السن من نظرات خطيبها . هذا الشك القاتل بسبب حملها الإلهى والذى لم يكن له علم به ولا بدورها فيه .. وكان صمتها أمام هذه البشاره الإلهية ... وعوض أن تنطق لتبرر موقفها سلمت الأمر لله الذى قال " يقاتل عنكم وأنتم تصمتون " (حز 14:14) لذلك أرسل الله ملاكه فى حلم ليوسف قائلا " لا تخف أن تأخذ مريم إمرأتك لأن الذى حُبل فيها هو من الروح القدس "(مت 20:1) وهنا أخذ يوسف مريم " وفى تلك الأيام صدر أمر من أغسطس قيصر بأن يكتتب كل المسكونة ... " فذهب الجميع ليكتتبوا كل واحد فى مدينته .... فصعد يوسف أيضا إلى الجليل من مدينة الناصرة إلى اليهودية إلى مدينة داود التى تدعى بيت لحم .... ليكتتب مع مريم إمرأته المخطوبة وهى حبلى .
وهكذا سارت العذراء مسافة تزيد عن تسعين ميل وهى فى أيامها الأخيرة للولادة , وكم عانت من مشقة السفر الطويل المرهق راضية بكل ما يجرى حولها , بعدها عاشت العذراء آلام التعب الجسدى وهى تنتقل من بيت لآخر تود أن تضع وليدها " إذ لم يكن لهما موضع فى المنزل "(لو 7:2) ولم يكن أمامها سوى مزود للحيوانات فولدت ابنها القدوس وكان عمرها وقت ذاك 14 سنة و8شهور و 4 أيام .